سرد

مسرحية قصيرة: أين البالونة

مسرحية قصيرة (أين البالونة؟)
.
.
.
المشهد الأول!
( في غرفة نوم صغيرة ويبدو السرير على شكل سيارة ويجلس سالم عليها وهو يرسم , تدخل سارة أخته الصغرى )

سارة :سالم!… سالم!…. ألم تر بالونتي؟
سالم : سارة! (بحدة) أرجوك! … دعيني أركز في رسمتي!
(تركض سارة نحو سالم وتقفز على السرير بقوة)
سالم (بغضب) : سارة!!! هل تريدين إفساد كل جهدي؟!
سارة (بنبرة رقيقة) الله! ما أجملَ رسمتَك
سالم : حقا؟
سارة : نعم, انظر … تبدو أسنان الأرنب وكأنها حقيقية
سالم : لم تري شيئاً بعد، سأجعل الأرنب يظهر على الحقيقة ويركض في كل أنحاء الغرفة.
سارة: هل يمكنك ذلك؟
سالم: بالطبع! وماذا تظنين إذن؟
سارة (تمسك ذراعه وترجه) أرجوك! أرجوك! فلتسرع إذن, أريد أن أربيه وألعب معه
سالم: حسناً! حسنا! انتظري حتى أنهي الرسم
سارة: سأنادي أبي حالاً حالاً, ليرى رسمك الرائع
(تذهبُ سارة لتنادي أباها وتعودُ به مرتدياً ملابس النوم ويظهر عليه التعب)
الأب (صوت متهدج) مــاااذاا بكم؟ ماذاا تريدون؟؟؟
سارة (ممسكة بيد أبيها تدفعه نحو سالم) : تعال!! تعال!! انظر إلى رسمة سالم, كم هي رائعة.
(يتقدّم نحو سالم)
الأب )بصوت متهدج) جميل, جميل جداً
سارة: أبي! إنه حقاً فنّان, ألا ترى كم يبدو الأرنب حقيقياً
الأب: حسناً! حسناً! سأعود إلى النوم.
سارة: أبي! ورسمة سالم؟ ماذا نفعل بها؟!
سالم: أنا فنّان وموهوب يا أبي!
الأب: حسناً حسناً سآخذك غداً إلى مدرسة الرسم, لكن أريد النوم!
( يحاول الخروج من الغرفة لكن تمسك سارة يدَه)
سارة: أبي!! .. أبي!!
الأب: (بغضب) ماذا! .. ماذا!!
سارة: لا أدري أين بالونتي! لا أجدها في أي مكان؟
(يتلفت الأب بحثاً عنها)
الأب : ما رأيك يا حبيبتي أن نبحثَ عنها غداَ في الصباح الباكر
سارة: (حزينة) أتعدني أن تجدها؟
الأب: طبعاً .. طبعاً أعدك ..والآن دعوني أذهب , أريد النوم
______________________________________

المشهد الثاني:
(في السيارة , يأخذ الأب كلاً من سالم وسارة معه متجهين إلى مدرسة الرسم)

سالم: أبي! .. أبي!! أرجوك أن تسرع!
الأب: لا تخف, سيارتنا الجديدة هذه, سريعة جداً
(تتدخل سارة) : أبي, لماذا لا يشتري مثلها كل الناس
الأب: ها! .. لأن .. لأن ليس كل الناس يحبون السرعة يا ابنتي
سارة : ألا يريدون أن يصلوا بسرعة؟
الأب: (يصمت)
سالم: أبي! أبي! ماذا يفعلون في مدرسة الرسم؟
الأب: يعلمونك الرسم , ليجعلوا منك فناناً عظيماً , تماماً كبيكاسو!
سالم: أبي! … من بيكاسو؟
الأب : هو فنان عظيم.
سالم: أنا فنان عظيم
الأب: لا شكّ في ذلك طبعاً
سالم: إذاً, لن يجعلوا مني فناناً لأني أنا أصلاً فنان
الأب: هه.. سيضيفون على فنّك مزيداً من الفن.
سالم: ولكني فنانٌ إلى أقصى درجة.
الأب: (صمت)
سالم: لا يا أبي, أنا سأعلمهم كيف يرسمون
الأب: نعم .. نعم, بلا شك
سارة: أبي!! متى ستبحث عن بالونتي؟

الأب: عندما نعود إلى المنزل

______________________________________

المشهد الثالث
( في مدرسة الرسم, وجدوا رجلاً في استقبالهم يجلس على مكتب ,شرع الأب في ترحيبٍ ساخن وحماس شديد )

الأب (وابتسامة تعلو وجهه) : أهلاً وسهلاً , ومرحباً .. بل ألف مرحباً
الرجل: أهلاً, هل ممكن أساعدك؟
الأب: مساعدتي! .. نعم … هذا ابني سالم يريد أن يصبح رساماً
سالم (يظهر من الخلف) : لكن أنا رسام يا أبي!
الأب: هههه..ههه , طبعاً طبعاً, (إلى الرجل) : هل يمكنك استقباله عندكم؟
الرجل: , أود مساعدتك بالفعل هلّا تسترح من فضلك,
(يجلس الأب على كرسي أمام المكتب وبجانبه سارة وسالم)
الرجل: لكن!! هل تعرف ما قواعد دخول مدرستنا؟
الأب: لا! ولكن انا متأكد أنه سيوافي كل الشروط!
الرجل: (يتأمل سالم) أراه صغيراً, كم يبلغ من العمر؟
سالم(متدخلاً) : 5 سنين
الأب: (يكمم فم سالم) : ههه.. هو في الحقيقة في طريقه إلى عامه السابع
الرجل: يجب أن يكون ذا موهبة.
الأب: هو فعلاً ذو موهبة .. ذو موهبة فذّة
الرجل (يخرج ورقة وبضع أقلام) : تعال يااا… , ما اسمك يا بني!
سالم: (يحدّق بوجهه)
الأب: رد عليه يا سالم!
سالم: الرسّام سالم
الرجل: هههه… حسناً يا الرسّام سالم, خذ هذه الورقة وارسم لي شيئاً
(يخرج سالم كرّاسته و عليها رسمة الأرنب ويريها الرجل)
الرجل (وهو يضحك ساخراً) : ماهذا! هل تدعو هذا رسماً
سارة ( متدخلة) : لكنه يصبح حقيقياً
سالم: ألا ترى؟ هل أنت أعمى؟
(يمسك الأب يد الرجل ويأخذه جانباً)
الأب: سامحني .. سامحني, فهو معتاد على هذا في المنزل
الرجل: عذراً لكننا لا يمكن استقبال ابنك عندنا
الأب: ماذا! لكنه يستوفي الشروط حتماً
الرجل: عن أي شروطٍ تتحدث؟
(تأتي سارة متسللة)
سارة: أبي!
الأب(الى الرجل) : أرجوك, بأي طريقةٍ كانت.
الرجل: لا, الامر مستحيل
سارة: أبي!
الأب(الى سارة) : أرجوكِ … ألا ترين أباك مشغولاً؟!
سارة: متى ستبحث عن بالونتي؟
الأب (الى سارة) متى نعود إلى المنزل.
الأب (إلى الرجل) كم تبلغ أسعاركم هنا؟
الرجل: أسعارنا بالنسبة إلى فئة عمره هي….
الأب: (مقاطعاً) : سأدفع الضعف .. سأدفع الصعف, موافق؟

______________________________________

المشهد الرابع
(فصل فيه معلم و 5 طلّاب يبدون أكبر سناً من سالم , والمعلم جالس بجانب سالم يحدثه )

المعلم: مساء الخير حبيبي, ما اسمك؟
سالم: الرسّام سالم
المعلم: هههه, ماشاء الله … أيها الرسّام سالم, ماذا ترسم؟
( يخرج سالم كراسته ليريه رسمة الأرنب, مما أدهش المعلّم )
المعلم: هل أنت حقاً, من رسم هذه.؟!
سالم: هل تريديني أن أعلمك كيف رسمتها؟
المعلم: ههههه, أنت ولد ظريف جداً
سالم: أنا لا أمزح, هل تريدني أن أعلمك حقاً
المعلم: اسمع .. يابني! إن مرتباً كل شهر يصلني حتى أعلم كل هؤلاء, لذا عليك أن تتعاون معي!
سالم: ماذا ستعلمني..إذن؟
المعلم: دعني, أعطيك قواعد إمساك القلم الصحيحة.
سالم: لكني أعرف كيف أمسك القلم.
المعلم: لكن طريقتك خاطئة, تحتاج إلى الطريقة الصحيحة كي يكون رسمك سليماً.
(يمسك سالم بالقلم ويبدأ يرسم)
سالم: انظر إلى هذه الرسمة كم هي جميلة.
المعلم: حبيبي سالم, ألا ترى أنه من الأفضل ان تمسك القلم, هكذا.
سالم: لا, أنا سأعلمك, يجب عليك أن تمسك القلم هكذا.
المعلم: لكني أنا المعلم هنا!
سالم: معلم! ولا تعرف شيئاً عن الرسم.
المعلم: ماذا!! ألا تعرف من أنا؟
سالم: ألا تعرف من أنا؟
المعلم: أنا عضو في نقابة الفنانين.
سالم: وهل كل من دخلها صار فناناً؟
المعلم(بغضب): من تعرف من الرسامين .. أنت؟!
سالم: أعرف نفسي!!
المعلم:(بغضب) وماذا رسمت؟
(يأتي برسمة الأرنب مرة أخرى)
المعلم: هل تريدني أن أريك ماهذه؟
سالم: إنها أرنب! ألا ترى؟ هل أنت أعمى؟
المعلم: إنه ليس رسماً على الإطلاق.
سالم:ليس رسماً؟؟ أنت بلا أخلاق.
المعلم: ولست تعرف حتى أساسيات الرسم.
سالم:أنت غير محترم!
المعلم:بني يجب أن تتعلم الفن الحقيقي
سالم:أنت لا تعرف الفن إطلاقاً
المعلم:ومن قال لك هذا؟
سالم: لأن من لا أخلاق له ليس بفنان!
المعلم:، أولاً الفن مليء بعديمي الأخلاق وثانياً لماذا تتهمني هذا الاتهام؟
(يقوم المعلم بإمساك الورقة وتمزيقها ورميها)
سالم:(صادحاً) ماذااااا فعلللت!!!؟؟؟
(يقوم سالم بضرب المعلم)
_________________________________________________
المشهد الخامس.
( في السيارة, الأب وسارة وسالم متجهين إلى المنزل )

سالم ( يبكي ) : لقد مزّق الأرنب… لقد مزق الأرنب
الأب : لا بأس سترسم واحدة أخرى , لا تبك
سالم (يبكي) : لا أستطيع … قد كان باستطاعتي أن أجعله حقيقياً
سارة (تتدخل): كنت أريد أرنباً حقيقياً.
الأب: أخبرتك ألا بأس في الأمر أن تعيد رسمه كما فعلت في المرة الأولى
سالم (يبكي) : لا لن أقدر…فهذه الرسمة لا تأتي إلا مرة واحدة فقط…فقط لا غير
سارة : أريد أرنباً …. وبالونتي
سالم(يبكي): يقول … يقول لي أني لا أعرف قواعد الرسم ولا أعرف كيف أمسك القلم
الأب: لا يا بني أنت فنانٌ حاذق, ولا يستطيع أن يتجرأ عليك أحد بهذا القول
سالم(يبكي): لكنه قال ذلك .. قال!
الأب: لا عليك، عليه أن يتعلم ما الأخلاق والقيم قبل أن يتهمك هذا الاتهام!
سالم (يبكي): يقول أنه في رقابة فنانين
الأب: آه! تقصد نقابة الفنانين, لا عليك هؤلاء كاذبون يريدون خداعك بالأسماء فقط
سارة: أريد أرنباً … وبالونتي
الأب: يأتونك بشعاراتٍ زائفة, ينغمسون في مستنقع الأنانية.
سالم: ماذا يعني يا أبي؟
الأب: أي أنه يشغل قلبه بنجاح الآخر والتآمر عليه, لا عليك هؤلاء يموتون حسرة يحتاجون إلى دواء للنسيان.
سالم: نسيان ماذا؟
الأب: ها! نسيان! .. نسيان كل شيء حتى لقياك.
سارة : أنا لا أحب ذلك الرجل
سالم : أبي .. هو بلا أخلاق وبلاأصل وليس فناناً
الأب : بلا أدنى شك, هم يغارون منك لأنك استطعت أن ترسمَ مالم يرسموه, فأنت تماماً كبيكاسو
سالم: من بيكاسو؟
الأب : (صمت)…
سارة: لكنه .. مزقها يا أبي وأنا أريد الأرنب .. أريد الأرنب
سالم: لم لا نزج به في السجن يا أبي؟ أليس مجرماً؟
الأب: سأفعل, لا تخف .. لن ننسى جريمته أبدا أبداً
سالم وسارة (صوت نحيب): نريد الأرنب … نريد الأرنب … نريد الأرنب
سارة : أريـــد بالونتي
______________________________________
المشهد السادس والأخير
عادوا إلى المنزل, يجثو الأب على ركبتيه مقلداً هيئة الأرنب مبرزاً أسنانه, ويدور الأبناء حوله ويغنون)

“كاذبون كاذبون
مخادعون مخادعون
منافقون منافقون
يغارون منّا
هم لنا حاسدون
دواء للنسيان
هم لها يحتاجون”

“كاذبون كاذبون
مخادعون مخادعون
منافقون منافقون
يغارون منّا
هم لنا حاسدون
دواء للنسيان
هم لها يحتاجون”

سارة: أبي … أبي!
الاب: ماذاّ
سارة: لقد وجدتُ بالونتي .. أخيراً
(يتلفت الأب ولا يجد شيئاً)
الأب: أين هي؟
سارة: هناك … في الأعلى .. انظر إليها!
سالم: أبي…سارة… أنقذوني … إني أطيـــــر

One thought on “مسرحية قصيرة: أين البالونة

Leave a comment