Uncategorized · نصوص

يطل القمر … يختفي القمر

يطل القمر … يختفي القمر متوشحا بسحابة

وأنت واقفٌ ترنو إلى السماء مترقباً كأنك تنتظر معجزة كونية على وشك أن تحدث، وتقول في نفسك: “هي دورة فلكية عظمى، ولستُ سوى متطفل حقير”

وتبدأ تردد الجملة في رأسك وتظن أن قلقك وحزنك وألمك مشاعر تافهة تتلاشى، فيتلاشى ما تبقى من ذاتك ….ألم تكن هذه رغبتك؟

واقفاً لا تعرف في أي اتجاه من السماء تحدق، وتخشى أن العالم مازال هناك وأن الزمن يتجاوزك الآن.

___________

تحاول أن تفكر فيما عليك فعله. لابد أن هناك شيئا تفعله في هذه اللحظة، وتسمع صوت الآذان فجرا، وتفكر في الصلاة كما كنت تفعل صغيرا .. تحاول أن تتذكر إن كنت تصلي الفجر هارباً؟ هل كنت تعلّق فيها نفسك على سكون أواخر الليل على أمل أن يأتي الصباح بذات جديدة؟ نسيم الهواء، رائحة الأشجار، وخوفك من الظلال .. أكنت تراقب السماء أيضاً وتنسى نفسك؟

لم تتغير أو لم تستطع أن تلحظ فرق ما كلفتك به السنون، تحاول أن تفقد -ولو للحظات- وعيك متجاهلاً طبيعتك، لكن هل حقاً تعرف ما هي طبيعتك؟

____________

تراقب جسدك، وتتعلم شيئاً عن وظائفه، وتخشى أن يسلبك ذلك إحساسك الأصيل بوجودك. تغمض عينيك فتبصر أخيلة، وتسأل: ما حكمة أن يرى الإنسان شبحا؟ ثم تبدأ بلوم نفسك معتقداً أنه بإمكانك أن تكشف الحقيقة، السر وراء أن تكون جسداً.

_____________

تمشي وتتوهم ألا غاية من سيرك في منطقة تزعم أنك تعرفها، ولكنك تبدو مدهوشاً كأنك ترى عالماً آخر، كيف تبدو البيوت غريبة يسكنها غرباء، وتقودك فتنة لتمشي مسافة أبعد قليلا، وفي كل خطوة يشتد شعورك بالوحشة، حتى تكاد تختفي من الآخرين.

 أنتَ والآخرون … كالعادة، تضيّعك اللغة وتحسب أنك فريدٌ وقادرٌ أن ترى نفسك خارجاً عن العالم. تجتث هويتك كما لو كنت شجرة … وتفشل في أن تجد أرضاً خصبة تحتويها.

_________________

يدركك النهار معزولاً، فتلتبس وجهاً جديداً ومشاعر طازجة، تتخلى عن آرائك في الليل قليلا، ليبدأ يوم جديد كما ينبغي، تفرش فيه كل ما فيك أحجاراً تحسب فيها أن حياتك رقعة شطرنج … ولا يمر وقت طويل حتى تشك أنها لم تكن صالحة للعب.

وتكون على موعد، موعد لا تدري ما الذي يدفعك نحوه، ليس ثمة ضوء يُرى فيه، ولكنك تنتظره كالأعمى على أية حال.

تنتظر متوجسا كأن الموعد مع الموت. قلِقاً تحصي الثواني … كلما مرّت واحدةٌ شعرت أن حبلاً يشتد حول عنقك. تختنق .. حتى تفقد الكلام، وتفكر في الحين الذي تفقد فيه التنفس. لم يحن الموعد بعد ولكنك على يقين أنه يقترب.

تظن أن الخيال يسعفك أحياناً، قادراً على الطيران، تحلق حول العالم، وتنتقي ما شئت من البقع الجغرافية لتمكث فيها … قادراً على اصطحاب من شئت لتخلق مجتمعاً .. مجتمعاً يراك مهما كنت شفافا.

وهكذا ينتهي يومك، وتسأل: أين ضاع الوقت؟

___________________

 يطل القمر .. يختفي القمر

لم تستطع الفكاك من عادتك  في أن تظل تراقب السماء. وتقول: “سأبدأ الآن .. الآن وهنا سأعيش الحياة كما لو كنت امتداداً لهذا القمر” لكنك واقفاً مازلت. وتدرك أنك على شفا ضمور.

يطل القمر، زال السحاب ولا مجال لأن يتوارى

وأنت واقفٌ تنتظر إيماءة .. إشارة .. أي شيء يشعرك أن الكون، كل الكون صواب وأنت الغلط.

Leave a comment