لا مهرب من الفكرة، أياً كانت الفكرة حتى لو اعترف أنها مولود مشوه لذاكرة انتقائية. فلا مخاض يكفي فكرة سائغة. ما الفكرة السائغة؟
رغما عنه يفكر. أن يوجد أي أن يكون ضحية لما شاء له عقله أن يفكر، وفكرة تلد أخرى .. تتكاثر، تتناثر .. يصعب رصدها أواحتواؤها، كما ينسل الدخان من يديك إن حاولت تمسكه.
_______________
لكنه يحتال، يهرب من الواقع إلى ما وراءه، لم يسأل يوماً: ما وراء الواقع؟ يواري فرط حساسيته بالخيال والشرود، يحسب أنه يتملص من الحياة العادية خشية أن يضيّع نفسه بين ركام ثرثرة الناس اليومية، ويتغافل عن الثمن.
متهمٌ دائما بفضح نفسه مهما اجتهد بإضمار فحشه الداخلي بالمجازات. وهكذا يكون ضحية العيب من الآخرين، وأحيانا من نفسه إن فشل في الإفلات من أن يكون الآخرين. مهما مر بعُصاب، عليه أن يقاتل الكلام كي لا يظهر شفافاً .. يرتدي اللغة غطاء ما يكفي كي لا يُمحى.
_______________
من يفقد المعنى في حياته معرض للعُصاب. ففي اللحظات التي تسعر فيها رغبته بالموت… مثلا، يظل يكتب، يكتب ليجرّد رغبته تناقضاً، ظناً منه أن الكتابة فعل حياة، بحث عن معنى. لحظة! لا أظنه يعرف لماذا يكتب.
أو لحظة! ما الذي يعنيه أن يشتهي الإنسان الموت أصلاً؟ عطلا في ملايين السنين من تطور غريزة البقاء. كيف يسمح لنفسه أن يكون حكماً.لمَ يبيح إنسان هلاكا .. صرخةً في وجه الطبيعة حتى لو لم تكن ثمة آذان تصغي؟
_________________
ليلة قمرية كانت، في منتصف شهر ديسمبر
________________
____________